موقف الإسلام من المال

سمير علي
22 مايو 2023

مصحفالإسلام دين جميل وعظيم فهو ينظر إلى المال بوسطية واعتدال، ويشرع للناس ما يصلح أمور دنياهم وآخرتهم:

  • فهو يدعو إلى العمل وكسب المال بالحلال، قال تعالى: (فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله) وفي الحديث المتفق عليه (لأن يحتطب أحدكم حزمة على ظهره، خير له من أن يسأل أحدا فيعطيه أو يمنعه)، وقال عليه الصلاة والسلام (نعم المال الصالح للمرء الصالح) رواه البخاري في الأدب المفرد وصححه الألباني، وكان عبدالرحمن بن عوف يقول: يا حبذا المال أصون به عرضي، وأتقرب به إلى ربي.
  • كما حذر الإسلام من فتنة المال التي تشغل المسلم عن الآخرة أو تقطع طريقه إليها سواء بكسبه من الحرام أو تضييع الواجبات أو أكل الحقوق أو الاغترار بزينة الحياة الدنيا، قال تعالى: (إنما أموالكم وأولادكم فتنة) وفي الحديث عند البخاري (تعس عبدالدينار تعس عبدالدرهم ........) فهو في تعاسة لتعلق قلبه بالماديات وهي تزيد وتنقص فيحزن عليها بخلاف المؤمن الصادق فقلبه معلق بالله فإن حصل له نقص في دنياه صبر وحمد الله.
  • ونهانا الإسلام عن الإسراف والتبذير وإضاعة المال، كما نهى عن البخل قال تعالى: (ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوما محسورا)، ونهى عن سؤال الناس تكثرا، وحذر من أخذ الدَين وهو لا ينوي سداده.
  • كما حثنا على الإنفاق والصدقة وبين انها تزيد المال وتباركه ففي الحديث القدسي يقول الله تعالى: (انفق يا ابن آدم ينفق عليك) متفق عليه، كما ورد في الصحيحين حديث (ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان، فيقول أحدهما: اللهم اعط منفقا خلقا، ويقول الآخر: اللهم اعط ممسكا تلفا).
  • ولنخلص النية لله وحده في نفقاتنا وكل اعمالنا الصالحة والمباحة، فالنية الصالحة تحول المباح إلى حسنات، والنية الفاسدة تحول العمل الصالح إلى سيئات، فأول من تسعر بهم النار ثلاثة: رجل جمع القرآن ورجل قتل في سبيل الله ومتصدق كثير المال والسبب النية، ليقال قارئ وجرئ وجواد.نعم يجوز أخذ الأجرة على بعض الأعمال الصالحة كتعليم القرآن والقتال ولكن نحرص على إخلاص النية في نفع المسلمين.
  • وبين الإسلام أن العبد سوف يسأل عن ماله: من أين اكتسبه؟ وفيم أنفقه؟
  • كما مدح الله الفقراء الصابرين والأغنياء الشاكرين، كذلك مدح المتعففين الذين لا يسألون الناس إلحافا (يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف) وقال عليه الصلاة والسلام (اليد العليا خير من اليد السفلى، وابدأ بمن تعول، وخير الصدقة ما كان عن ظهر غنى، ومن يستعفف يعفه الله، ومن يستغن يغنه الله) متفق عليه.
  • ؟

  • وقد اشكل على كثير من الناس أيهما أفضل للإنسان الفقر أم الغنى ويشكل عليهم تعوذ النبي عليه الصلاة والسلام من الفقر، وفي حديث آخر (اللهم احييني مسكينا وامتني مسكينا واحشرني في زمرة المساكين) كيف نجمع بينهما هل نطلب الغنى ونتعوذ من الفقر أم نطلب الفقر وأن نكون مساكين؟
  • والجواب على ذلك كما ذكر أهل العلم باختصار:
    1- مقدارك عند الله ليس بما تملكه من مال وإنما بالتقوى والعمل الصالح، وإنما الفقر والغنى ابتلاء واختبار من الله للعبد قال تعالى: (فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول ربي أكرمن*وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول ربي أهنن*كلا بل لا تكرمون اليتيم) فكثرة المال ليس شرطا إكرام بل هو ابتلاء وامتحان، وكذلك الإنسان إذا ابتلي بالفقر يقول رب أذلني ولم يشكر نعم الله الآخرى من العافية والسلامة والأمن وغيرها.
    2- يباح للمسلم السعي للغنى فمن أدعية النبي عليه الصلاة والسلام (اللهم إني أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى) رواه مسلم، ومنها (اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر، اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر) حسنه الألباني، فإن لم يحصل للعبد الغنى فلا يفرط في غنى النفس، والغنى عما في أيدي الناس.


أما حديث (اللهم أحييني مسكينا وأمتني مسكينا وأحشرني في زمرة المساكين) فقد ضعفه كثير من أهل العلم، وعلى فرض صحته فالمقصود تواضعه وافتقاره إلى ربه والبعد عن الكبر.3- اختلف أهل العلم أيهما أفضل الفقير الصابر أم الغني الشاكر والتحقيق أن الميزان الذي يفضل أحدهما على الآخر هو تقوى الله والعمل الصالح.4- ومن العلماء من جنح إلى تفضيل الكفاف يقول القرطبي ( جمع الله لنبيه الحالات الثلاث: الفقر والغنى والكفاف، فكان الأول أول حالاته فقام بواجب ذلك من مجاهدة النفس، ثم فتحت عليه الفتوح فصار بذلك في حد الأغنياء فقام بواجب ذلك من البذل والمواساة، مع اقتصاره على ما يسد ضرورة عياله وهي صورة الكفاف التي مات عليها، وهي حالة سليمة من الغنى المطغي والفقر المؤلم، فلم يفته من حال الفقر إلا السلامة من قهر الحاجة وذل المسألة) انتهى كلامه بتصرف.

  • التفاؤل
  • ومن هديه عليه الصلاة والسلام أنه كان يحب الفأل، وكان يقبل الهدية ولا يقبل الصدقة.فلنجعل المال خادما أمينا ووسيلة معينة على قضاء الحوائج وليس سيدا مطاعا، اللهم بارك لنا في أعمالنا وأعمارنا وأموالنا واجعلها في طاعتك، وحقق فيما يرضيك آمالنا.

سمير علي

17 فبراير 2020/ 23 جماد الآخرة 1441


التعليقات

لا يوجد أي تعليقات لعرضها.

تسجيل الدخول

مقالات أخرى

مراحل الحرية المالية: الطريق إلى حياة خالية من الضغوط المالية.

مراحل الحرية المالية: الطريق إلى حياة خالية من الضغوط المالية.

هل تساءلت يومًا كيف يبدو أن يكون لديك القدرة على اتخاذ القرارات المالية بحرية تامة، دون القلق من الفواتير أو الديون؟ هل فكرت في الوصول إلى النقطة التي يمكنك فيها تحديد مسار حياتك المالية بحرية كاملة؟

11/12/2024
سمير علي
دورات تطوير الذات: كيف تختار الأنسب لإحتياجاتك

دورات تطوير الذات: كيف تختار الأنسب لإحتياجاتك

تطوير الذات ليس مجرد رفاهية، بل ضرورة تفرضها متطلبات النجاح في الحياة الشخصية والمهنية. سواء كنت تسعى لتعزيز ثقتك بنفسك، تحسين مهارات التواصل، أو بناء خطط فعّالة لتحقيق أهدافك، فإن دورات تطوير الذات ت

11/12/2024
سمير علي
كيف ابدأ مشروع من الصفر: دليل الإدارة المالية للمبتدئين

كيف ابدأ مشروع من الصفر: دليل الإدارة المالية للمبتدئين

هل فكرت يومًا للبدء في مشروعك لكنك تتساءل في كيف ابدأ مشروع من الصفر ؟فكرة إنشاء مشروع من الصفر قد تكون مشوقة ومربكة في نفس الوقت، خاصة عندما يتعلّق الأمر بالجانب المالي. لكن الحقيقة هي أن كل مشروع نا

11/12/2024
سمير علي